Ramadan Time Table

Download Now


Title
فَضْلُ الْعَمَلِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ
Date
8/28/2020 6:52:19 PM

فَضْلُ الْعَمَلِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ

الْخُطْبَةُ الأُولَى

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ، الْمُطَّلِعِ عَلَى خَفَايَا الْقُلُوبِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:( وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)([1]).

أَيُّهَا الْمُسلمُونَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:( إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)([2]). فَهُوَ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ بِمَا يَعْمَلُهُ النَّاسُ فِي سِرِّهِمْ وَجَهْرِهِمْ([3]). قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:( إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ)([4]). وَقَدْ أَمَرَنَا سُبْحَانَهُ بِفِعْلِ الصَّالِحَاتِ، وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى الْخَيْرَاتِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَإِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ الَّذِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ وُصِفَ بِأَنَّهُ عَمَلٌ بِظَهْرِ الْغَيْبِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتُرُهُ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ كَمَا يَجْعَلُ الشَّيْءَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ؛ لِيُغَيِّبَهُ عَنْ أَعْيُنِهِمْ([5]). وَالْعَمَلُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَيَجْعَلُهُ أَكْبَرَ أَجْرًا، وَأَعْظَمَ ثَوَابًا، قَالَ تَعَالَى:( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)([6]). فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ إِخْفَاءَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي التَّطَوُّعِ أَفْضَلُ مِنْ إِظْهَارِهَا([7])، إِلَّا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى الْإِظْهَارِ اقْتِدَاءُ النَّاسِ بِهِ([8])، لِأَنَّ الْعَمَلَ بِظَهْرِ الْغَيْبِ أَبْلَغُ فِي الْإِخْلَاصِ، وَلَا يَنْتَظِرُ فَاعِلُهُ مِنَ الْخَلْقِ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا، وَلِهَذَا حَرَصَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَعْضُ عَمَلِهِمْ بِظَهْرِ الْغَيْبِ؛ بَعِيدًا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَعِلْمِهِمْ، قَالَ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:( فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ)([9]). أَيِ: انْسَلَّ خُفْيَةً فِي سُرْعَةٍ([10]). فَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ... مُخْفِيًا ذَهَابَهُ وَمَجِيئَهُ([11]). وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ r لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ :« اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ»([12]). وَحَثَّنَا دِينُنَا الْحَنِيفُ عَلَى أَنْ نُكْثِرَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا النَّاسُ، قَالَ سَيِّدُنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَبِيئَةٌ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ([13]). أَيْ يَكُونَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ يُغَيِّبُهُ عَنِ النَّاسِ فَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ.

فَمَا هِيَ الْأَعْمَالُ الَّتِي حَثَّنَا الشَّرْعُ عَلَى فِعْلِهَا بِظَهْرِ الْغَيْبِ؟

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي رَغَّبَنَا اللَّه سُبْحَانَهُ فِي فِعْلِهَا بِظَهْرِ الْغَيْبِ: الصَّدَقَةَ وَالْإِنْفَاقَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ، فَصَاحِبُ صَدَقَةِ السِّرِّ يُقَرِّبُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَيُظِلُّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، مِنْهُمْ: رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ»([14]). وَقَدْ حَرَصَ الصَّالِحُونَ عَلَى الْإِنْفَاقِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ حَتَّى لَا يَعْلَمَ بِهِمْ أَحَدٌ، فَرُوِيَ أَنَّ شَابًّا كَانَ يَتَرَدَّدُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَيَقُوْمُ بِحَوَائِجِهِ، وَيَسْمَعُ مِنْهُ الْحَدِيثَ، فَقَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ مَرَّةً، فَلَمْ يَرَ الشَّابَّ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ مُعَاقَبٌ عَلَى عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ دَيْنًا. فَذهَبَ ابْنُ الْمُبَارَكِ إِلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ، وَسَدَّدَ لَهُ، وَحَلَّفَهُ أَنْ لَا يُخْبِرَ أَحَدًا مَا عَاشَ، فَعُفِيَ عَنِ الشَّابِّ، وَلَمْ يَعْرِفْ مَنْ دَفَعَ الدَّيْنَ عَنْهُ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ([15]).

عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ الْمَحَبَّةَ الْخَالِصَةَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى سَبَبٌ لِمَحَبَّتِهِ سُبْحَانَهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« مَا مِنْ رَجُلَيْنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلَّا كَانَ أَحَبُّهُمَا إِلَى اللَّهِ أَشَدَّهُمَا حُبًّا لِصَاحِبِهِ»([16]). وَمَنْ أَحَبَّ شَخْصًا نَصَحَ لَهُ فِي غَيْبَتِهِ وَحُضُورِهِ، وَذَلِكَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« لِلْمُؤْمِنِ عَلَى المُؤْمِنِ سِتُّ خِصَالٍ -وَذَكَرَ مِنْهَا- وَيَنْصَحُ لَهُ إِذَا غَابَ أَوْ شَهِدَ»([17]). أَيْ: يُرَاعِي حَقَّهَ بِالْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ وَكَفِّ الْأَذَى عَنْهُ([18])، فَيُدَافِعُ عَنْهُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« مَنْ ذَبَّ -أَيْ دَافَعَ- عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعْتِقَهُ مِنَ النَّارِ»([19]). فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ نَالَ ثَوَابَ اللَّهِ تَعَالَى وَثَنَاءَ النَّاسِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ثَلَاثَةٌ لَا أَقْدِرُ عَلَى مُكَافَأَتِهِمْ وَلَوْ حَرَصْتُ -وَذَكَرَ مِنْهُمْ- وَرَجُلٌ حَفِظَنِي بِظَهْرِ الْغَيْبِ([20]).

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ دُعَاءَ الْإِنْسَانِ لِغَيْرِهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ يَنْفَعُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الدَّاعِيَ وَالْمَدْعُوَّ لَهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ المَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ»([21]). وَذَلِكَ لِأَنَّ الدُّعَاءَ فِي غَيْبَةِ الْمَدْعُوِّ لَهُ أَصْدَقُ فِي الْمَحَبَّةِ، وَأَقْرَبُ إِلَى الاِسْتِجَابَةِ([22]). وَلَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ r فَإِنَّهُ r دَعَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِظَهْرِ الْغَيْبِ([23]) وَقَالَ :«اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ»([24]). وَعَمِلَ بِذَلِكَ أَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ يَدْعُو لِلْآخَرِينَ بِظَهْرِ الْغَيْبِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ لِنَفْسِكَ. فَقَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا دَعَا لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِ، فَرَغِبْتُ فِي تَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ([25]). وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رُبَّ نَائِمٍ مَغْفُورٌ لَهُ، وَقَائِمٍ مَشْكُورٌ لَهُ. قِيلَ: وَكَيْفَ هَذَا؟ قَالَ: الرَّجُلُ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَيَذْكُرُ أَخَاهُ -وَهُوَ نَائِمٌ- فَيَسْتَغْفِرُ لَهُ، فَيُغْفَرُ لِهَذَا وَهُوَ نَائِمٌ، وَيُشْكَرُ لِهَذَا وَهُوَ قَائِمٌ([26]). فَاللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَعْبُدُكَ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَارْزُقْنَا فِي الْآخِرَةِ الْحُسْنَى وَزِيَادَةً، وَوَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ، عَمَلًا بِقَوْلِكَ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)([27]).

نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَيَّضَ مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ ليَدْعُوا لِلْمُؤْمِنِينَ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، فَقَالَ تَعَالَى:( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ)([28]). وَجَعَلَ سُبْحَانَهُ الْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَاءِ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ([29]). فَلْيَجْتَهِدِ الْإِنْسَانُ فِي الدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ حِينَ مُنَاجَاتِهِ رَبَّهُ([30]). وَلْيَدْعُ لِذُرِّيَّتِهِ ، وَلْيَحْرِصْ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ تَعَالَى.

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)([31]). وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ rمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا»([32]). اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ الْأَكْرَمِينَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الْبَارِّينَ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، الْمُحْسِنِينَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَأَرْحَامِهِمْ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ: الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمْ رَحْمَةً وَاسِعَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَأَفِضْ عَلَيْهِمْ مِنْ خَيْرِكَ وَرِضْوَانِكَ. وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ، وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ، اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا دَيْنًا إِلَّا قَضَيْتَهُ، وَلَا مَرِيضًا إِلَّا شَفَيْتَهُ، وَلَا مَيْتًا إِلَّا رَحِمْتَهُ، وَلَا حَاجَةً إِلَّا قَضَيْتَهَا وَيَسَّرْتَهَا يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، فَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ.

اللَّهُمَّ احْفَظْ لِأمتنا اسْتِقْرَارَهَا وَرَخَاءَهَا، وَبَارِكْ فِي خَيْرَاتِهَا، وَزِدْهَا فَضْلًا وَنِعَمًا، وَحَضَارَةً وَعِلْمًا، وَبَهْجَةً وَجَمَالًا، وَمَحَبَّةً وَتَسَامُحًا، وَأَدِمْ عَلَيْهَا السَّعَادَةَ وَالْأَمَانَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

اللَّهُمَّ انْشُرِ الاِسْتِقْرَارَ وَالسَّلَامَ فِي بُلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ وَالْعَالَمِ أَجْمَعِينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَأَدْخِلْنَا الْجَنَّةَ مَعَ الْأَبْرَارِ يَا عَزِيزُ يَا غَفَّارُ.

اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ.



([1]) البقرة : 103 .

([2]) فاطر : 38 .

([3]) تفسير ابن كثير : (6/90).

([4]) آل عمران : 5 .

([5]) ينظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم : (8/229).

([6]) البقرة : 271 .

([7]) تفسير القرطبي :(3/332) ، وتفسير الطبري : (5/15).

([8]) تفسير ابن كثير : (1/701)

([9]) الذاريات : 26.

([10]) تفسير ابن كثير : (7/421).

([11]) تفسير الطبري : (21/526).

([12]) مسلم : 486.

([13]) الزهد لأبي داود (ص: 122) والأحاديث المختارة للمقدسي : 883.

([14]) متفق عليه .

([15]) سير أعلام النبلاء : 8/387.

([16]) المعجم الأوسط : 5279.

([17]) الترمذي : 1938، والنسائي : 2737.

([18]) شرح المصابيح 5/155.

([19]) المعجم الكبير للطبراني : 443، ومسند ابن راهويه : 2309، واللفظ له.

([20]) البداية والنهاية لابن كثير : 8/335 .

([21]) متفق عليه .

([22]) شرح أبي داود للعيني : 5/446.

([23]) شرح النووي على مسلم (16/37).

([24]) سنن البيهقي : 16685.

([25]) مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر للمَرْوَزِي (المتوفى: 294هـ) :(ص: 338).

([26]) مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر للمَرْوَزِي (المتوفى: 294هـ) :(ص: 338).

([27]) النساء : 59.

([28]) غافر : 7.

([29]) تفسير ابن كثير : (7/130).

([30]) التحرير والتنوير : (26/32).

([31]) الأحزاب : 56 .     

([32]) مسلم : 384.


Home
News
Friday Sermon
Events & Activies
Prayer Times
Mosque Finder
About us
Services
Courses
Halal Businesses
Become a Member
Newsletter Registration
Unsubscribe Newsletter
Contact us
Send Enquiry
Follow us
Zero Tolerance to Hate Crime