فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ
الْوَهَّابِ، يُعَجِّلُ لِعِبَادِهِ الثَّوَابَ، وَيُؤْتِيهِمْ مِنْ فَضْلِهِ بِغَيْرِ
حِسَابٍ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ
أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ
وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ
تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ
سُبْحَانَهُ:( وَمَنْ
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا
يَحْتَسِبُ)([1]). فَبِتَقْوَى اللَّهِ
تَعَالَى
تَكْثُرُ الْأَرْزَاقُ وَتَتَيَسَّرُ الْأُمُورُ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:( وَمَنْ
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)([2]). وَبِهَا تُغْفَرُ
الذُّنُوبُ وَتَعْظُمُ الْأُجُورُ، قَالَ جَلَّ جَلَالُهُ:( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ
يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا)([3]).
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُجَازِي عِبَادَهُ عَلَى أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُهُ
لَهُمْ مِنْ ثَوَابٍ عَظِيمٍ فِي الْآخِرَةِ، قَالَ تَعَالَى :(مَنْ كَانَ
يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا)([4]). وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً؛
يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ»([5]). فَجَزَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَثَوَابُهُ سَعَادَةٌ تُرَافِقُ صَاحِبَهَا فِي الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:( مَنْ
عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً)([6]).
فَمَا
هِيَ الْأَعْمَالُ الَّتِي يُعَجِّلُ اللَّهُ تَعَالَى ثَوَابَهَا فِي الدُّنْيَا؟ إِنَّ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ
تَعَالَى وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ
مِنْ أَعْظَمِ مَا يُعَجِّلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثَوَابَهُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّهُ يُثْمِرُ
مَوَدَّةً لِصَاحِبِهِ فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ وَنُفُوسِهِمْ؛ قَالَ تَعَالَى:( إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)([7]). أَيْ مَحَبَّةً عِنْدَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا([8]). قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَا أَقْبَلَ عَبْدٌ بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ
سُبْحَانَهُ إِلَّا أَقْبَلَ
اللَّهُ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ، حَتَّى يَرْزُقَهُ مَوَدَّتَهُمْ وَرَحْمَتَهُمْ([9]).
وَمِنْ عَاجِلِ ثَمَرَاتِ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ:
إِجَابَةُ الدُّعَاءِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:( وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ)([10]). أَيْ: يَسْتَجِيبُ
سُبْحَانَهُ دُعَاءَهُمْ، وَيَزِيدُهُمْ فَضْلًا فَوْقَ ذَلِكَ([11]) فَيُعْطِيهِمْ
مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا مَا لَمْ يَسْأَلُوهُ إِيَّاهُ؛ لِأَنَّهُ لَطِيفٌ بِهِمْ،
وَمُدَبِّرٌ لِمَصَالِحِهِمْ([12]).
وَمِمَّا
يُنْعِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ عَلَى
الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا إِذَا عَمِلَ الصَّالِحَاتِ: رَاحَةُ الْبَالِ، وَسَلَامَةُ
الْأَحْوَالِ، قَالَ سُبْحَانَهُ:( وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ
الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ
بَالَهُمْ)([13]).
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ مَنْ
أَخْلَصَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي عَمَلِهِ؛ نَجَّاهُ سُبْحَانَهُ عِنْدَ
الشَّدَائِدِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَتَمَشَّوْنَ أَخَذَهُمُ
الْمَطَرُ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ
صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:
انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ، فَادْعُوا اللَّهَ
تَعَالَى بِهَا، لَعَلَّ اللَّهَ يَفْرُجُهَا عَنْكُمْ»([14]). فَدَعَا
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا عَمِلَ مِنْ صَالِحَاتٍ مُخْلِصًا لِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا، فَفَرَّجَ سُبْحَانَهُ عَنْهُمْ.
وَبِالْإِكْثَارِ
مِنَ النَّوَافِلِ يَنَالُ الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا مَحَبَّةَ اللَّهِ
تَعَالَى
وَعِنَايَتَهُ، وَحِفْظَهُ وَرِعَايَتَهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« إِنَّ اللَّهَ قَالَ: وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ
بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي
يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ
بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ،
وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ»([15]). وَبِالاِسْتِغْفَارِ
يُنَزِّلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْغَيْثَ مِنَ السَّمَوَاتِ، وَيَهَبُ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، وَيُكَثِّرُ
الْأَمْوَالَ وَالْخَيْرَاتِ، قَالَ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ
نَبِيِّهِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ:( فَقُلْتُ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ
مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ
وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا)([16]).
عِبَادَ اللَّهِ: إنَّ التَّواضُعَ
لِلَّهِ تَعَالَى سَبَبٌ لِرِفْعَةِ الْإِنْسَانِ فِي الدُّنْيَا
وَعُلُوِّ شَأْنِهِ وَمَكَانَتِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« مَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ»([17]). أَيْ:
يَرْفَعُهُ سُبْحَانَهُ فِي الدُّنْيَا، وَيُثْبِتُ لَهُ فِي الْقُلُوبِ مَنْزِلَةً،
وَيُعْلِي عِنْدَ النَّاسِ شَأْنَهُ، وَيُجِلُّ مَكَانَهُ([18]).
وَمِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يُعَجِّلُ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِصَاحِبِهَا
الْأَجْرَ فِي الدُّنْيَا: الصَّدَقَةُ وَالْإِنْفَاقُ، قَالَ تَعَالَى:( وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ
يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)([19]) وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ:« قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ»([20]). فَالنَّفَقَةُ
فِي وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ مِنْ أَسْبَابِ سَعَةِ الرِّزْقِ وَزِيَادَتِهِ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ:( مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ
أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ
سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ)([21]).
أَيُّهَا الرَّاغِبُونَ
فِي ثَوَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: إِنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ
وَصِلَةَ الْأَرْحَامِ مِمَّا يُعَجِّلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثَوَابَهُ فِي الدُّنْيَا؛ فَيَزِيدُ لِصَاحِبِهِ
فِي رِزْقِهِ، وَيُبَارِكُ لَهُ فِي عُمُرِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُمَدَّ
لَهُ فِي عُمُرِهِ، وَيُزَادَ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ، وَلْيَصِلْ
رَحِمَهُ»([22]).
وَمِمَّا يَنَالُ بِهِ الْمَرْءُ عَوْنَ اللَّهِ
تَعَالَى
وَتَأْيِيدَهُ فِي الدُّنْيَا؛ حُسْنُ مَعَامَلَةِ النَّاسِ، وَتَقْدِيمُ الْعَوْنِ
لَهُمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« وَاللَّهُ فِي عَوْنِ
الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ»([23]). وَقَالَ r :« مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ»([24]).
فَاللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الْأَقْوَالِ
وَالْأَفْعَالِ، وَأَلْهِمْنَا جَمِيلَ الْأَخْلَاقِ وَكَرِيمَ الْخِصَالِ، وَاجْعَلْنَا
لِلْخَلْقِ نَافِعِينَ، وَلِصَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ مِنَ السَّابِقِينَ، وَوَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا
بِطَاعَتِهِ، عَمَلًا بِقَوْلِكَ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)([25]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ
نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ
الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلاَلِ
وَجْهِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا
عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ
الدِّينِ
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أَيُّهَا
الْمُصَلُّونَ: إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَحْسَنَ
عِبَادَتَهُ، وَكَانَ سَمْحًا فِي مُعَامَلَتِهِ، آتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا مِنْ عَظِيمِ فَضْلِهِ، وَجَزِيلِ عَطَائِهِ، وَوَفَّاهُ
أَجْرَهُ فِي الْآخِرَةِ؛ قَالَ تَعَالَى:( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ)([26]). أَيْ: مَنْ
أَحْسَنَ عَمَلَهُ فِي الدُّنْيَا؛ أَحْسَنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ([27])، لِذَلِكَ
كَانَ مِنْ دُعَاءِ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ
أَنْ قَالُوا :( وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا
حَسَنَةً)([28]). وَمِنْ
دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ قَوْلُهُمْ:( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا
عَذَابَ النَّارِ)([29]).
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ جُعِلَتِ
الصَّلَاةُ عَلَيْهِ سَبَبًا لِكِفَايَةِ الْهُمُومِ، وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ:
أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ:« إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ
ذَنْبُكَ»([30]). وَبِهَا أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى؛ قَالَ سُبْحَانَهُ:(
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)([31]).
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى
سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. وَارْضَ
اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ
وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ الْأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ
اجْعَلْنَا مِنَ الْبَارِّينَ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، الْمُحْسِنِينَ
إِلَى أَهْلِيهِمْ وَأَرْحَامِهِمْ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ: الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ
ارْحَمْهُمْ رَحْمَةً وَاسِعَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَأَفِضْ عَلَيْهِمْ مِنْ
خَيْرِكَ وَرِضْوَانِكَ. وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ
وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ
عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ
مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ،
وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ، وَالنَّجَاةَ
مِنَ النَّارِ، اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا
إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا دَيْنًا إِلَّا قَضَيْتَهُ، وَلَا مَرِيضًا إِلَّا شَفَيْتَهُ،
وَلَا مَيْتًا إِلَّا رَحِمْتَهُ، وَلَا حَاجَةً إِلَّا قَضَيْتَهَا
وَيَسَّرْتَهَا يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، فَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ، وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ احْفَظْ للامة
اسْتِقْرَارَهَا وَرَخَاءَهَا، وَبَارِكْ فِي خَيْرَاتِهَا، وَزِدْهَا
فَضْلًا وَنِعَمًا، وَحَضَارَةً وَعِلْمًا،
وَبَهْجَةً وَجَمَالًا، وَمَحَبَّةً وَتَسَامُحًا، وَأَدِمْ
عَلَيْهَا السَّعَادَةَ وَالْأَمَانَ
يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ انْشُرِ الاِسْتِقْرَارَ وَالسَّلَامَ فِي بُلْدَانِ
الْمُسْلِمِينَ وَالْعَالَمِ أَجْمَعِينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً
وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اذْكُرُوا اللَّهَ
الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ.