أَحَادِيثُ نَبَوِيِّةٌ جَامِعَةٌ
الْخُطْبَةُ الأُولَى
الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَالْحَقِّ الْمُبِينِ، فَهَدَى
النَّاسَ إِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ
شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ
اللَّهِ وَرَسُولُهُ، الدَّاعِي إِلَى أَفْضَلِ الأَعْمَالِ وَأَحْسَنِ الأَقْوَالِ،
فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى
يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ
وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ
ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)([1]).
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: أُوتِيَ رَسُولُ اللَّهِ r
جَوَامِعَ الْكَلِمِ،
قَالَ r :«أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ»([2]). أَيِ التَّعْبِيرَ عَنِ الْمَعَانِي
الْكَثِيرَةِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَصَرَةٍ، وَمِنَ الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ
الْجَامِعَةِ الَّتِي تُوَضِّحُ الصُّورَةَ الْحَضَارِيَّةَ لِبِنَاءِ شَخْصِيَّةِ الإِنْسَانِ،
وَتَضْبِطُ أَعْمَالَ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ فِي التَّعَامُلِ مَعَ
اللَّهِ تَعَالَى وَمَعَ النَّاسِ، أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ([3])؛ الْحَدِيثُ الأَوَّلُ
هُوَ قَوْلُهُ r
:« إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا
نَوَى»([4]). وَقَدْ أَجْمَعَ
الْعُلَمَاءُ عَلَى عِظَمِ هَذَا الْحَدِيثِ، وقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: هُوَ رُبْعُ
الإِسْلاَمِ([5]).
وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ وَجْهَ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَرَادَ بِهِ الدُّنْيَا؛
فَهِيَ حَظُّهُ وَنَصِيبُهُ، لِذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ r
أَنْ يَجْعَلَ عَمَلَهُ وَحَيَاتَهُ كُلَّهَا لِلَّهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ:( قُلْ
إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)([6]) أَيْ:
أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلاَّ خَالِصًا لِلَّهِ، وَبِذَلِكَ
أَمَرَنِي رَبِّي([7]).
فَإِنَّ النِّيَّةَ لَهَا أَهَمِّيَّةٌ كَبِيرَةٌ
فِي اكْتِسَابِ الأَجْرِ؛ قَالَ r :« مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا
كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا
كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى
أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ
لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا
اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً»([8]).
قَالَ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ: النِّيَّةُ الْحَسَنَةُ
تَنْفَعُ بِلاَ عَمَلٍ([9]).
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إِذَا حَثَّ أَصْحَابَهُ عَلَى عَمَلٍ نَبَّهَهُمْ إِلَى
تَصْحِيحِ النِّيَّةِ وَإِخْلاَصِهَا، فَقَالَ r
لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:« إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ
نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ
فِي فَمِ امْرَأَتِكَ»([10]). فَكُلُّ عَمَلٍ اخْتِيَارِيٍّ
مُرْتَبِطٌ بِنِيَّةِ صَاحِبِهِ، فَإِذَا أَقْبَلَ الإِنْسَانُ عَلَى وَظِيفَتِهِ
أَوْ عَمَلِهِ فَجَعَلَ نِيَّتَهُ الْمُسَاهَمَةَ فِي رُقِيِّ مُجْتَمَعِهِ، وَقَضَاءِ
حَوَائِجِ النَّاسِ، وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ، وَإِعَانَةِ الضَّعَيفِ؛ نَالَ بِذَلِكَ
أَجْرًا عَظِيمًا، وَكَانَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى؛ يَقُولُ النَّبِيُّ r :« خَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ
لِلنَّاسِ»([11]).
عِبَادَ اللَّهِ: وَعِنْدَمَا يُخْلِصُ
الْمَرْءُ نِيَّتَهُ، وَيُرِيدُ فِعْلَ شَيْءٍ؛ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْحَدِيثَ الثَّانِيَ
نُصْبَ عَيْنَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ r :«إِنَّ الْحَلالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ
بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ
اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ
وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ
فِيهِ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ،
أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا
فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ»([12]). وَهَذَا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ بَيَّنَ أَنَّ الأَشْيَاءَ أَقْسَامٌ ثَلاثَةٌ:
حَلاَلٌ وَاضِحٌ لاَ يَخْفَى حِلُّهُ عَلَى أَحَدٍ كَأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ وَفِعْلِ
الْخَيْرَاتِ، وَالتَّمَسُّكِ بِجَمِيلِ الأَخْلاَقِ؛ وَهُنَاكَ الْحَرَامُ الْبَيِّنُ
كَالأُمُورِ الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَأَمَّا الْمُشْتَبِهَاتُ فَهِيَ
أَشْيَاءُ دَقِيقَةٌ يَتَحَرَّى الإِنْسَانُ عَنْهَا قَبْلَ فِعْلِهَا، وَبِذَلِكَ
نَعْمَلُ بِقَوْلِهِ r :« فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ
لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ». ثُمَّ نَبَّهَنَا رَسُولُ اللَّهِ r إِلَى شَيْءٍ مِنْ أَهَمِّ الأُمُورِ؛ وَهُوَ مُرَاعَاةُ الْقُلُوبِ،
فَإنَّهَا :« إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ
كُلُّهُ». فَصَلاَحُ الْجَسَدِ وَفَسَادُهُ تَابِعٌ لِلْقَلْبِ، وَإِنَّ دَوَاءَ الْقُلُوبِ
وَجَلاَءَهَا ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْبُعْدُ عَنِ الْحَسَدِ وَالْحِقْدِ،
فَمِنْ كَمَالِ الإِيمَانِ وَتَمَامِهِ أَنْ يُحِبَّ الإِنْسَانُ الْخَيْرَ لِغَيْرِهِ
كَمَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ، وَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ مِنَ الأَحَادِيثِ
الأَرْبَعَةِ الْجَامِعَةِ فِي الإِسْلاَمِ،
وَفِيهِ يَقُولُ النَّبِيُّ r :« لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ
مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»([13]). فَيَسْعَى فِي نَفْعِ
النَّاسِ وَإِعَانَتِهِمْ، وَيَجْتَهِدُ فِي إِسْعَادِهِمْ، وَإِدْخَالِ السُّرُورِ
عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَيُظْهِرُ احْتِرَامَهُ لَهُمْ، فَيَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r لأَحَدِ أَصْحَابِهِ:« أَتُحِبُّ الْجَنَّةَ؟»
قَالَ: نَعَمْ. فقَالَ r :« فَأَحِبَّ لأَخِيكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ»([14]).
فَإِذَا أَحَبَّ الْمُؤْمِنُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا؛ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لأَخِيهِ
مِثْلُهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :«
مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ؛ فَلْتَأْتِهِ
مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ
الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ»([15]). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: إِنِّي لأَمُرُّ بِالآيَةِ مِنَ الْقُرْآنِ فَأَفْهَمُهَا،
فَأَوَدُّ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ فَهِمُوا مِنْهَا مَا أَفْهَمُ([16]).
فَحُبُّ الْخَيْرِ لِلآخَرِينَ يُثْمِرُ مُجْتَمَعًا
مُتَآلِفًا، مُتَعَاوِنًا مُتَرَاحِمًا كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ، مُتَمَاسِكًا كَالْبُنْيَانِ
الْمَرْصُوصِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا. فَاللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا، وَزِكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ
زَكَّاهَا، وَوَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ،
عَمَلاً بِقَوْلِكَ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)([17]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ
بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ،
وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ
اللَّهَ لِي وَلَكُمْ،
فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ
لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ،
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى
يَوْمِ الدِّينِ.
أُوصِيكُمْ
عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: وَمِنَ الأَحَادِيثِ الْجَامِعَةِ قَوْلُهُ r :« مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ»([18]). وَهُوَ يُوَضِّحُ كَيْفِيَّةَ التَّعَامُلِ بَيْنَ النَّاسِ، فَمِنْ
كَمَالِ إِيمَانِ الإِنْسَانِ أَنْ يَتْرُكَ مَا لاَ يَعْنِيهِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ، وَيَقْتَصِرَ
عَلَى مَا يَخُصُّهُ مِنْهَا([19]). فَيَحْتَرِمَ
خُصُوصِيَّاتِ الآخَرِينَ، وَلاَ يَتَدَخَّلَ فِي شُؤُونِهِمْ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ
الْكَلاَمِ إِلاَّ فِيمَا فِيهِ خَيْرٌ، قَالَ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ:
الْكَلاَمُ أَرْبَعَةٌ: أَنْ تَذْكُرَ
اللَّهَ، أَوْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ، أَوْ تُسْأَلَ عَنْ عِلْمٍ فَتُخْبِرَ بِهِ، أَوْ
تَتَكَلَّمَ فِيمَا يَعْنِيكَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ([20]).
وَإِنَّ
الإِنْسَانَ لَنْ يَزَالَ سَالِمًا مَا سَكَتَ، فَإِذَا نَطَقَ كُتِبَ عَلَيْهِ أَوْ
لَهُ، فَإِذَا أَرَادَ الْمَرْءُ أَنْ يَتَحَدَّثَ فَلْيَنْظُرْ؛ فَإِنْ كَانَ مَا
يَتَكَلَّمُ بِهِ خَيْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ، وَإِلاَّ فَلْيُمْسِكْ عَنِ الْكَلاَمِ([21]).
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ هَذِهِ الأَحَادِيثَ النَّبَوِيَّةَ
الأَرْبَعَةَ الْجَامِعَةَ تُعَزِّزُ قِيمَةَ النِّيَّةِ وَمَكَانَتَهَا، وَتَحَرِّي
الْحَلاَلِ مِنَ الرِّزْقِ وَالطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ، وَتُوَطِّدُ الْعَلاَقَاتِ،
وَتُعَمِّقُ الْمَحَبَّةَ بَيْنَ النَّاسِ، وَتَحُثُّ عَلَى احْتِرَامِ خُصُوصِيَّاتِ
الآخَرِينَ، فَهِيَ مَنْهَجُ حَيَاةٍ مُتَكَامِلٌ، فَهَلْ نَعْمَلُ بِهَا وَنُعَلِّمُهَا
بَنَاتِنَا وَأَبْنَاءَنَا؛ لِتَكُونَ لَهُمْ نِبْرَاسًا فِي حَيَاتِهِمْ، فَيَسْعَدُوا
فِي دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ، وَيَسْعَدَ بِهِمْ مُجْتَمَعُهُمْ وَوَطَنُهُمْ؟
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى
مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
بِهَا عَشْراً»([22]). اللَّهُمَّ
صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لَكَ مُخْلِصِينَ،
وَلِعِبَادِكَ نَافِعِينَ، وَلِلْخَيْرِ مُتَحَرِّينَ؛ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ انْشُرِ الاِسْتِقْرَارَ وَالسَّلاَمَ فِي بُلْدَانِ
الْمُسْلِمِينَ وَالْعَالَمِ أَجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ
ارْضَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ
وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ الأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ
إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، وَنَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ لَنَا وَلِوَالدينَا، وَلِمَنْ لَهُ
حَقٌّ عَلَيْنَا، وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ
وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي
عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ
أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا
جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا
مَعْصُوْمًا، وَلاَ تَدَعْ فِيْنَا وَلاَ مَعَنَا شَقِيًّا وَلاَ مَحْرُوْمًا.
اللَّهُمَّ احْفَظْ أمتنا مِنَ
الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَدِمْ عَلَيْهَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ
يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ([23]).
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا
حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ
اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ
الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ
أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ،
وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ.
عِبَادَ
اللَّهِ:( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي
القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ)([24]). اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ
علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ
الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا
تَصْنَعُونَ)([25]).