مَرْضَاةُ اللَّهِ تَعَالَى
الْخُطْبَةُ الأُولَى
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، يَا رَبِّ لَكَ الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى، وَلَكَ الْحَمْدُ
إِذَا رَضِيتَ، وَلَكَ الْحَمْدُ بَعْدَ الرِّضَا، سُبْحَانَكَ لَا نُحْصِي ثَنَاءً
عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا
عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى
سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى
مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ
جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ
وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)([1]).
أَيُّهَا
الْمُصَلُّونَ: إِنَّ مَرْضَاةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَسْمَى الْغَايَاتِ، وَأَعْلَى الدَّرَجَاتِ، الَّتِي يَفُوزُ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ، قَالَ تَعَالَى:( وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي
جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ)([2]). فَمَرْضَاةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَهْلِ
الْجَنَّةِ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ
لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ،
وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ. فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا
لَا نَرْضَى يَا رَبِّ، وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ
خَلْقِكَ. فَيَقُولُ: أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: يَا
رَبِّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ
رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا»([3]).
فَمَرْضَاةُ اللَّهِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَطَالِبِ وَأَكْرَمِ الرَّغَائِبِ، وَلِذَلِكَ
سَعَى الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ لِنَيْلِ رِضَا اللَّهِ عَنْهُمْ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ:( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)([4]). أَيْ: لِتَزْدَادَ عَنِّي رِضًا، فَسَارَعَ
عَلَيْهِ السَّلَامُ مُبَادِرًا إِلَى مِيقَاتِ رَبِّهِ([5]). وَدَعَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فقَالَ:( رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ
الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ)([6]).
وَكَانَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ r يَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى
أَنْ يُبَلِّغَهُ رِضَاهُ، وَيَحْتَمِي بِمَرْضَاتِهِ مِنْ عِقَابِهِ، فَعَنْ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ r لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ
يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ:« اللهُمَّ أَعُوذُ
بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ
لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ»([7]).
وَحَثَّنَا النَّبِيُّ r عَلَى الْتِمَاسِ مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ:« إِنَّ الْعَبْدَ لَيَلْتَمِسُ
مَرْضَاةَ اللَّهِ فَلَا يَزَالُ بِذَلِكَ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِجِبْرِيلَ: إِنَّ
فُلَانًا عَبْدِي يَلْتَمِسُ أَنْ يُرْضِيَنِي أَلَا وَإِنَّ رَحْمَتِي عَلَيْهِ،
فَيَقُولُ جِبْرِيلُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى فُلَانٍ، وَيَقُولُهَا حَمَلَةُ
الْعَرْشِ، وَيَقُولُهَا مَنْ حَوْلَهُمْ حَتَّى يَقُولَهَا أَهْلُ السَّمَوَاتِ
السَّبْعِ، ثُمَّ تَهْبِطُ لَهُ إِلَى الْأَرْضِ»([8]). فَيَعِيشُ بَيْنَ النَّاسِ
رَاضِيًا سَعِيدًا حَمِيدًا، تَحُوطُهُ عِنَايَةُ اللَّهِ وَرَحْمَتُهُ وَرِضْوَانُهُ.
فَكَيْفَ نَبْلُغُ مَرْضَاةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ نَبْلُغُ مَرْضَاةَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْعَمَلِ
بِمَا جَاءَ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ، وَالاِقْتِدَاءِ بِرَسُولِهِ الأَمِينِ r قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ
مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ
وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)([9]). أَيْ: قَدْ أَرْسَلَ اللَّهُ
تَعَالَى رَسُولَهُ مُحَمَّدًا r
بِالْهُدَى، وأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ([10]). فَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَازَ بِمَرْضَاتِهِ
عَزَّ وَجَلَّ، فَأَطِيعُوا
اللَّهَ وَاجْتَهِدُوا فِي عِبَادَتِهِ
تَفُوزُوا بِرِضَاهُ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَثْنَى عَلَى الصَّحَابَةِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ:( تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا
يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)([11]). فَوَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ
عَابِدُونَ رَاكِعُونَ سَاجِدُونَ، عَلَى صَلَوَاتِهِمْ مُحَافِظُونَ، يَرْجُونَ رِضَاهُ
تَعَالَى عَنْهُمْ، فَرَضِيَ عَنْهُمْ، وَهُمْ فِي جَنَّاتِ الْخُلْدِ مُكْرَمُونَ ( وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)([12]).
يَا مَنْ تَطْلُبُونَ مَرْضَاةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: اعْلَمُوا أَنَّ رِضَا الْوَالِدَيْنِ يُبُلِّغُكُمْ
مَرْضَاةَ رَبِّكُمْ، قَالَ النَّبِيُّ r :« رِضَا
الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ»([13]). فَلْيَحْرِصِ الأَبْنَاءُ عَلَى طَلَبِ مَرْضَاةِ
الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ، بِبِرِّهِمْ وَالإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَالتَحَلِّي بِمَحَامِدِ الأَخْلَاقِ الَّتِي تُؤَلِّفُ
بَيْنَ الْقُلُوبِ، وَتُعَزِّزُ الْمَحَبَّةَ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَكُونُ الْمُسْلِمُ
صَادِقًا فِي أَقْوَالِه وَأَفْعَالِهِ، فَإِنَّ الصَّادِقِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ
آمِنِينَ مُنَعَّمِينَ، قَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ ( قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ
يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ)([14]).
وَيَبْتَغِي الْمُسْلِمُ مَرْضَاةَ اللَّهِ بِالتَّصَدُّقِ وَالإِنْفَاقِ
عَلَى الْمُحْتَاجِينَ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْمُتَصَدِّقِينَ:( وَمَثَلُ الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ
كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ)([15]). أَيِ الَّذِينَ يَتَصَدَّقُونَ طَلَبًا لِرِضَا اللَّهِ
تَعَالَى([16]). فَإِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُضَاعِفُ أُجُورَهُمْ، وَيُبَارِكُ فِي أَرْزَاقِهِمْ، وَيَرْضَى عَنْهُمْ،
وَيُؤْتِيهِمْ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا. فَاللَّهُمَّ
ارْزُقْنَا رِضَاكَ، وَأَحْيِنَا عَلَى تَقْوَاكَ، وَامْلَأْ قُلُوبَنَا بِالرِّضَا وَالسُّرُورِ
وَالسَّعَادَةِ وَالْحُبُورِ، وَوَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ، وَطَاعَةِ
رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ الأَمِينِ r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا
بِطَاعَتِهِ، عَمَلًا بِقَوْلِكَ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)([17]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ،
وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ،
فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ
الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ
أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ
اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ
أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي
بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاعْلَمُوا أَنَّ تَحْقِيقَ مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهَا
ثَمَرَاتٌ عَظِيمَةٌ، وَمِنْهَا أَنْ يَحْفَظَكَ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا، وَيَحُوطَكَ
بِعِنَايَتِهِ، فَلَمَّا أَطَاعَ
الْمُؤْمِنُونَ النَّبِيَّ r حَفِظَهُمُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُمْ (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ
لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)([18]). فَإِذَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ أَعْطَاكَ حَتَّى
أَرْضَاكَ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)([19]). يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى جَنَّتَهُ، وَيَزِيدُهُمْ
مِنْ فَضْلِهِ حَتَّى يَرْضَوْا عَنْهُ فِي الآخِرَةِ كمَا حَرَصُوا عَلَى مَرْضَاتِهِ
سُبْحَانَهُ فِي الدُّنْيَا، قَالَ النَّبِيُّ r :« سَأَلَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَبَّهُ: مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ
مَنْزِلَةً؟ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ
الْجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، كَيْفَ
وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ، وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ، فَيُقَالُ لَهُ:
أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟
فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ، فَيَقُولُ: لَكَ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ
وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ: رَضِيتُ رَبِّ. فَيَقُولُ:
هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، وَلَذَّتْ
عَيْنُكَ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ، قَالَ: رَبِّ، فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً؟
قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ
عَلَيْهَا، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى
قَلْبِ بَشَرٍ»([20]). اللَّهُمَّ
إِنَّا نَسْأَلُكَ رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ، وَعَمَلًا صَالِحًا يُرْضِيكَ عَنَّا، وَصَلِّ
اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ،
فَإِنَّكَ سُبْحَانَكَ الْقَائِلُ:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)([21]). وَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ
r :« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
بِهَا عَشْرًا»([22]). اللَّهُمَّ
صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ:
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ
الأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ
وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمْ
رَحْمَةً وَاسِعَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَأَفِضْ عَلَيْهِمْ مِنْ خَيْرِكَ
وَرِضْوَانِكَ. وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ
وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ
عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ احْفَظْ لِأمتنا
اسْتِقْرَارَهَا وَرَخَاءَهَا، وَبَارِكْ فِي خَيْرَاتِهَا، وَأَدِمْ عَلَيْهَا
الأَمْنَ وَالأَمَانَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ
أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا
وَاسِعًا شَامِلًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ
لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ.
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ،
وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ.