مَكَانَةُ النِّسَاءِ
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، كَرَّمَ
النِّسَاءَ أَعْظَمَ تَكْرِيمٍ، وَأَعْلَى مَنْزِلَتَهُنَّ فِي دِينِهِ
الْقَوِيمِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِجَلَالِ وَجْهِهِ وَعَظِيمِ
سُلْطَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا
شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ
وَرَسُولُهُ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا
وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ
تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ؛ قَالَ تَعَالَى:(
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ
لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)([1]).
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَفَعَ قَدْرَ النِّسَاءِ وَشَرَّفَهُنَّ، فَذَكَرَهُنَّ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، قَالَ
سُبْحَانَهُ فِي بِدَايَةِ سُورَةِ النِّسَاءِ:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا
زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً)([2]). فَقَدْ سَاوَى
تَعَالَى بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ فِي أَصْلِ
الْخِلْقَةِ، وَهَذَا مَا أَكَّدَهُ
رَسُولُ
اللَّهِ r حِينَ قَالَ:« إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»([3]).
وَالنِّسَاءُ نَظَائِرُ الرِّجَالِ فِي الْأَحْكَامِ وَالتَّكَالِيفِ، وَالْأَعْمَالِ
الصَّالِحَةِ وَثَوَابِهَا، قَالَ
عَزَّ وَجَلَّ:( وَالذَّاكِرِينَ
اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا
عَظِيمًا)([4]). وَقَالَ
سُبْحَانَهُ:(
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)([5]). وَأَنْزَلَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ تُوَضِّحُ
أَحْكَامَ
النِّسَاءِ وَحُقُوقَهُنَّ، فَقَالَ
سُبْحَانَهُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ:( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ
يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ)([6]).
وَجَعَلَ الشَّرْعُ
الْحَنِيفُ لِلنِّسَاءِ ذِمَّةً مَالِيَّةً خَاصَّةً، فَقَالَ تَعَالَى :(لِلرِّجَالِ
نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ)([7]). وَفَرَضَ لَهُنَّ نَصِيبًا مِنَ
الْمِيرَاثِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فَقَالَ:( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ
الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ
الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا
مَفْرُوضًا)([8]). وَكُلُّ
ذَلِكَ مِنْ مَظَاهِرِ تَكْرِيمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِلنِّسَاءِ؛ يَقُولُ سَيِّدُنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ وَذَكَرَ اللَّهُ النِّسَاءَ،
رَأَيْنَا لَهُنَّ بِذَلِكَ عَلَيْنَا حَقًّا([9]).
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: لَقَدْ حَفِظَ الشَّرْعُ
الْحَنِيفُ لِلنِّسَاءِ حَقَّهُنَّ فِي التَّعْلِيمِ، فَكَانَ النَّبِيُّ r حَرِيصًا عَلَى ذَلِكَ، عَنِ
ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r صَلَّى الْعِيدَ ثُمَّ خَطَبَ، فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ
النِّسَاءَ، فَأَتَاهُنَّ، فَذَكَّرَهُنَّ، وَوَعَظَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ
بِالصَّدَقَةِ([10]). وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ r: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ،
فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا، لَقِيَهُنَّ
فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ([11]). فَكَانَ النَّبِيُّ r يَحْفَظُ لَهُنَّ
حَقَّهُنَّ
فِي الْوَعْظِ وَالتَّوْجِيهِ، وَيُسْدِي إِلَيْهِنَّ
الْوَصَايَا، قَالَ r :« يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ
لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ»([12]). أَيْ: لَا تَمْتَنِعْ جَارَةٌ أَنْ تُهْدِيَ لِجَارَتِهَا شَيْئًا، وَإِنْ
كَانَ عَظْمًا قَلِيلَ اللَّحْمِ([13]). وَقَالَ r :« يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ
عَلَيْكُنَّ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّسبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، وَلَا تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ
الرَّحْمَةَ، وَاعْقِدْنَ بِالْأَنَامِلِ، فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ»([14]).
وَأَثْنَتِ
السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى نِسَاءِ الْأَنْصَارِ لِكَثْرَةِ سُؤَالِهِنَّ
رَسُولَ
اللَّهِ r فِي دَقَائِقِ
شُؤُونِ دِينِهِنَّ، فَقَالَتْ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ، لَمْ
يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ([15]).
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: لَقَدْ سَجَّلَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ نِسَاءً
خَالِدَاتٍ، وَإِلَى الْخَيْرِ سَابِقَاتٍ، فَذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّيِّدَةَ مَرْيَمَ أُمَّ عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَوَصَفَهَا بِالصِّدِّيقَةِ،
وَهُوَ وَصْفٌ لَمْ يُوصَفْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ النِّسَاءِ غَيْرُهَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمَلِكَةَ بَلْقِيسَ صَاحِبَةَ الْعَقْلِ الرَّاجِحِ وَالرَّأْيِ
السَّدِيدِ الَّتِي أَسْلَمَتْ مَعَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَمِنَ النِّسَاءِ الْأَوَائِلِ
اللَّائِي سَجَّلَهُنَّ التَّارِيخُ، وَتَذْكُرُهُنَّ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّةُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَهِيَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ r
وَآزَرَتْهُ وَوَاسَتْهُ بِمَالِهَا. وَكَذَلِكَ كَانَتِ ابْنَتُهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا تُدَافِعُ عَنْ أَبِيهَا، وَتُعِينُ زَوْجَهَا. وَنَبَغَ مِنَ النِّسَاءِ عَالِمَاتٌ جَلِيلَاتٌ، مِنْهُنَّ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَكَانَتْ
أَعْلَمَ النَّاسِ، يَسْأَلُهَا الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ r([16]).
وَمِنَ النِّسَاءِ فَاضِلَاتٌ عَالِمَاتٌ بَرَعْنَ فِي النَّحْوِ وَالْأُصُولِ
وَالْمَنْطِقِ وَالشِّعْرِ، وَالْفِقْهِ وَالْمَوَارِيثِ، وَتَرَكْنَ مُصَنَّفَاتٍ
وَشُرُوحًا([17]).
وَمِنْهُنَّ صَاحِبَاتُ
الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ وَالْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالدِّينِ، اللَّائِي اسْتَفْتَاهُنَّ
نِسَاءُ عَصْرِهِنَّ فِي مُعْضِلَاتِ الْأُمُورِ، وَكُنَّ قُدْوَاتٍ صَالِحَاتٍ لِلنِّسَاءِ([18]). وَمِنْهُنَّ الْوَاعِظَةُ الَّتِي عَقَدَتْ مَجَالِسَ لِلْوَعْظِ وَدُرُوسِ
الْعِلْمِ([19]). وَعَالِمَةُ الْحَدِيثِ الْمُسْنِدَةُ الَّتِي تَكَاثَرَ عَلَى بَابِهَا الْعُلَمَاءُ، تَرْوِي لَهُمُ
الْحَدِيثَ الشَّرِيفَ وَتُجِيزُهُمْ بِهِ([20]).
وَفِي الشِّعْرِ
وَالْأَدَبِ لِلنِّسَاءِ إِبْدَاعَاتٌ أَدَبِيَّةٌ رَفِيعَةٌ.
عِبَادَ اللَّهِ: لَقَدْ فَتَحَ الْإِسْلَامُ أَمَامَ النِّسَاءِ كُلَّ سَاحَاتِ الْخَيْرِ لِلْإِسْهَامِ
النَّافِعِ فِي بِنَاءِ الْمُجْتَمَعِ، فَكَانَ مِنْهُنَّ مُبْدِعَاتٌ، فَأَوَّلُ مِنْبَرٍ صُنِعَ لِلنَّبِيِّ r أَشَارَتْ بِهِ إِحْدَى النِّسَاءِ([21]).روى البخاري
عن جابر
بن عبد الله رضي الله عنه أن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله
صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه، فإن لي غلامًا
نجارًا؟ قال: إن شئت. فعملت له المنبر، فلما كان يوم الجمعة قعد النبي صلى الله
عليه وسلم على المنبر الذي صنع له. قال ابن بشكوال: اسم هذا الغلام أمينًا. فَاتُّخِذَتِ الْمَنَابِرُ فِي الْمَسَاجِدِ
مِنْ بَعْدِهَا، وَلِلنِّسَاءِ إِسْهَامَاتٌ فِي الْمَيْدَانِ
الاِقْتِصَادِيِّ، فَهُنَاكَ صَحَابِيَّةٌ جَلِيلَةٌ كَانَ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُقَدِّمُهَا
فِي الرَّأْيِ، وَيَرْضَاهَا وَيُفَضِّلُهَا، وَيُوَلِّيهَا بَعْضَ أُمُورِ السُّوقِ([22]).
وَبَرَعَتِ النِّسَاءُ فِي مَجَالِ الطِّبِّ وَالْجِرَاحَةِ،
فَكَانَ مِنْهُنَّ مَشْهُورَاتٌ عَارِفَاتٌ بِالْأَعْمَالِ الطِّبِّيَّةِ، خَبِيرَاتٌ
بِالْعِلَاجِ وَمُدَاوَاةِ آلَامِ الْعُيُونِ([23]).
وَفِي
كُلِّ الْمَجَالَاتِ تَجِدُ لِلنِّسَاءِ بَصْمَةً وَاضِحَةً، فَاللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي نِسَائِنَا، وَاحْفَظْهُنَّ وَأَكْرِمْهُنَّ
فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَوَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ، وَطَاعَةِ
رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا
بِطَاعَتِهِ، عَمَلًا بِقَوْلِكَ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)([24]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ
نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ
الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَهُ الْحَمْدُ
الْحَسَنُ وَالثَّنَاءُ الْجَمِيلُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ،
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ
أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: لَقَدْ كَانَ مِنْ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ r تَكْرِيمُ
النِّسَاءِ
وَالْعِنَايَةُ بِهِنَّ وَحُسْنُ مُعَامَلَتِهِنَّ قَوْلًا
وَعَمَلًا، فَهُوَ r الْقَائِلُ :«اسْتَوْصُوا
بِالنِّسَاءِ خَيْرًا»([25]). وَجَعَلَ r الْإِحْسَانَ إِلَى النِّسَاءِ دَلِيلًا عَلَى خَيْرِ الرَّجُلِ وَفَضْلِهِ، فَقَالَ r :« خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ»([26]). فَأَثْمَرَتْ هَذِهِ الْعِنَايَةُ بِالنِّسَاءِ نَمَاذِجَ رَائِدَةً فِي الْعَطَاءِ،
فَهَلْ نُقَدِّرُ لِلنِّسَاءِ
مَكَانَتَهُنَّ؛ وَنُشَجِّعُهُنَّ لِيَكُنَّ رَائِدَاتٍ فِي بِنَاءِ الْمُجْتَمَعِ وَازْدِهَارِهِ؟
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَنِسَاءَنَا لِكُلِّ خَيْرٍ،
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ
الْمُرْسَلِينَ، فَإِنَّكَ سُبْحَانَكَ قُلْتَ
وَقَوْلُكَ الْحَقُّ الْمُبِينُ:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)([27]).
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا
عَشْرًا»([28]).
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى
سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. وَارْضَ
اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ
وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ الْأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الْبَارِّينَ بِآبَائِهِمْ
وَأُمَّهَاتِهِمْ، الْمُحْسِنِينَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَأَرْحَامِهِمْ. اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ: الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ،
اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمْ رَحْمَةً وَاسِعَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَأَفِضْ
عَلَيْهِمْ مِنْ خَيْرِكَ وَرِضْوَانِكَ. وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ
وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا
وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ
مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ،
وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ، وَالنَّجَاةَ
مِنَ النَّارِ، اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا
إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا دَيْنًا إِلَّا قَضَيْتَهُ، وَلَا مَرِيضًا إِلَّا شَفَيْتَهُ،
وَلَا مَيِّتًا إِلَّا رَحِمْتَهُ، وَلَا حَاجَةً إِلَّا قَضَيْتَهَا
وَيَسَّرْتَهَا يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، فَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ، وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ انْشُرِ الاِسْتِقْرَارَ وَالسَّلَامَ فِي بُلْدَانِ
الْمُسْلِمِينَ وَالْعَالَمِ أَجْمَعِينَ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً
وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اذْكُرُوا اللَّهَ
الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ.