قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
الْحَمْدُ
لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ،
الْفَرْدِ الصَّمَدِ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا
أَحَدٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ
وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ
عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ
بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ
وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا
لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ*
قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)([1]).
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ سُوَرِ الْقُرْآنِ شَأْنًا، وَأَكْثَرِهَا ثَوَابًا وَفَضْلًا، سُورَةَ الْإِخْلَاصِ:( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ
الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)([2]). قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:« أَلَا أُعَلِّمُكَ سُوَرًا مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ
وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهُنَّ؟
لَا يَأْتِيَنَّ عَلَيْكَ لَيْلَةٌ إِلَّا قَرَأْتَهُنَّ فِيهَا (قُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ) وَ(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)»([3]). فَمِنْ فَضْلِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ أَنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي أَجْرِهَا؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ؛ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ»([4]). أَيْ: يُضَاعَفُ ثَوَابُهَا بِقَدْرِ ثَوَابِ ثُلُثِ الْقُرْآنِ([5]) فَمَا
أَعْظَمَهُ مِنْ أَجْرٍ، وَمَا أَجْزَلَهُ مِنْ ثَوَابٍ. وَهِيَ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي مَعْنَاهَا
وَمَوْضُوعِهَا؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ
الْكَرِيمَ
يَشْتَمِلُ عَلَى صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى الْأَحْكَامِ وَالْقَصَصِ، وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ مُخْتَصَّةٌ
بِذِكْرِ صِفَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أَيُّهَا
التَّالُونَ لِكِتَابِ اللَّهِ:
إِنَّ مَنْ لَازَمَ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ وَأَكْثَرَ قِرَاءَتَهَا؛ نَالَ مَحَبَّةَ
اللَّهِ تَعَالَى؛ فَعَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ كَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِـ(
قُلْ هُوَ
اللَّهُ أَحَدٌ) فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ r فَقَالَ :« سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟». فَسَأَلُوهُ
فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا،
فَقَالَ r :« أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ»([6]).
فَمَا
مَعْنَى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ؟
مَعْنَاهَا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ سَأَلَكَ عَنْ صِفَتِي: إِنَّنِي أَنَا الْأَحَدُ، فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ
الْوَاحِدُ الْأَحَدُ فِي ذَاتِهِ، الْمُتَفَرِّدُ فِي جَلَالِهِ وَكَمَالِ
صِفَاتِهِ، وَذَلِكَ مِنْ
مَعَانِي كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ r أَنْ يَعْلَمَهَا وَيَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهَا؛ قَالَ سُبْحَانَهُ:( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)([7]).
وَهُوَ
عَزَّ وَجَلَّ (الصَّمَدُ) الَّذِي يَلْجَأُ إِلَيْهِ الْخَلَائِقُ
فِي حَوَائِجِهِمْ وَيَطْلُبُونَ مِنْهُ وَحْدَهُ مَسَائِلَهُمْ، فَيَسْتَجِيبُ لَهُمُ
الدُّعُاءَ، وَيَكْشِفُ عَنْهُمُ الْبَلَاءَ؛ قَالَ تَعَالَى:(
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ
الْأَرْضِ)([8]). إِنَّهُ
اللَّهُ سُبْحَانَهُ، الْمُسْتَغْنِي عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَالَّذِي يَحْتَاجُهُ
كُلُّ أَحَدٍ([9]). قَالَ
عَزَّ وَجَلَّ:( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ)([10]). فَكُلُّ
الْخَلْقِ إِلَيْهِ يَلْجَأُونَ، وَيَطْلُبُونَ مِنْهُ وَيَسْأَلُونَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« إِذَا سَأَلْتَ
فَاسْأَلِ اللَّهَ»([11]). وَمِنْ
أَفْضَلِ مَا يَسْأَلُ بِهِ الْمَرْءُ رَبَّهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ: أَنْ يَدْعُوَهُ
بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ، الَّذِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ السُّورَةُ الْكَرِيمَةُ، فَقَدْ سَمِعَ
النَّبِيُّ r رَجُلًا يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الصَّمَدُ،
الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ. فَقَالَr :« وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ
اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ
بِهِ أَعْطَى»([12]).
أَيُّهَا
الْمُصَلُّونَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى وَاصِفًا نَفْسَهُ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ :(لَمْ يَلِدْ
وَلَمْ يُولَدْ) أَيْ: لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ وَلَا زَوْجَةٌ([13])، قَالَ سُبْحَانَهُ:( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ
صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا)([14]).
(وَلَمْ
يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) أَيْ:
لَا أَحَدَ يُكَافِئُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَلَا يُمَاثِلُهُ([15])، قَالَ
تَعَالَى:( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)([16]).
فَلَا مَثِيلَ لَهُ عَزَّ
وَجَلَّ فِي خَلْقِهِ وَرِزْقِهِ، قَالَ تَعَالَى:(
أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ)([17])
وَلَا شَبِيهَ لَهُ فِي هِدَايَتِهِ وَرَحْمَتِهِ؛ قَالَ جَلَّ جَلَالُهُ:( أَمَّنْ
يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا
بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ)([18]).
وَلَا نَظِيرَ لَهُ تَعَالَى فِي صِدْقِ حَدِيثِهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ:( وَمَنْ
أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)([19]).
عِبَادَ اللَّهِ: لَقَدْ شَرَعَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ r تِلَاوَةَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ فِي صَبَاحِنَا وَمَسَائِنَا، وَعِنْدَ
نَوْمِنَا وَاسْتِيقَاظِنَا، فَهِيَ حِرْزٌ مِنَ النَّزَغَاتِ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ
الشُّرُورِ وَالْآفَاتِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ r :« قُلْ». قُلْتُ: مَا أَقُولُ؟ قَالَ:« (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)
وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ
شَيْءٍ»([20]). وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَخْتِمُ يَوْمَهُ بِسُورَةِ
الْإِخْلَاصِ
وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ
نَفَثَ فِيهِمَا، فَقَرَأَ فِيهِمَا (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَ(قُلْ
أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ثُمَّ يَمْسَحُ
بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ
وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ([21]). وَكَانَ r يُوَاظِبُ عَلَى قِرَاءَةِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ، مِنْهَا الرَّكْعَةُ
الثَّالِثَةُ فِي الْوِتْرِ، فَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِr يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْوِتْرِ بِـ( قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)([22]). وَمِنْهَا
الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ. فَاللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لِكِتَابِكَ مِنَ التَّالِينَ،
وَلِسُوَرِهِ مِنَ الْمُتَدَبِّرِينَ، وَبِآيَاتِهِ مِنَ الْعَامِلِينَ يَا رَبَّ
الْعَالَمِينَ، وَوَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ
r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ، عَمَلًا بِقَوْلِكَ:( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ)([23]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ
بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ،
وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ
اللَّهَ لِي وَلَكُمْ،
فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ
وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ
إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أُوصِيكُمْ
عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أَيُّهَا
الْمُصَلُّونَ: إِنَّ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ تُرَافِقُ صَاحِبَهَا بِأَجْرِهَا
وَفَضْلِهَا حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَقْبَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ
الصَّمَدُ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« وَجَبَتْ».
قُلْتُ: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ :«الْجَنَّةُ»([24]). فَاقْرَؤُوا
سُورَةَ الْإِخْلَاصِ بِتَأَمُّلٍ، وَرَدِّدُوهَا بِتَدَبُّرٍ، فَإِنَّهَا قَلِيلَةُ
الْكَلِمَاتِ، عَظِيمَةُ الْأَجْرِ كَثِيرَةُ الْحَسَنَاتِ، وَمَنْ أَحَبَّهَا نَالَ
الْجَنَّاتِ؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ هَذِهِ السُّورَةَ (قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ). فَقَالَ r :«إِنَّ حُبَّكَ
إِيَّاهَا يُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ»([25]).
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ
أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى:( إِنَّ
اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)([26]).
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا
عَشْرًا»([27]).
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى
سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. وارْضَ
اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ
وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ الْأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِتِلَاوَةِ كِتَابِكَ الْكَرِيمِ عَلَى الْوَجْهِ
الَّذِي يُرْضِيكَ عَنَّا، وَاجْعَلْهُ اللَّهُمَّ لَنَا إِلَى مَرْضَاتِكَ دَلِيلًا، وَارْزُقْنَا بِهِ فِي الْجَنَّةِ
مَنْزِلًا وَمَقِيلًا. اللَّهُمَّ نَوِّرْ بِهِ قُلُوبَنَا، وَاشْرَحْ بِهِ صُدُورَنَا، وَأَدْخِلْنَا
بِهِ الْجَنَّةَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ
اجْعَلْنَا مِنَ الْبَارِّينَ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، الْمُحْسِنِينَ
إِلَى أَهْلِيهِمْ وَأَرْحَامِهِمْ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ: الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ
ارْحَمْهُمْ رَحْمَةً وَاسِعَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَأَفِضْ عَلَيْهِمْ مِنْ
خَيْرِكَ وَرِضْوَانِكَ. وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ
وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ
عَلَيْنَا. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ،
وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، اللَّهُمَّ إِنِّا
نَسْأَلُكَ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ، وَالنَّجَاةَ
مِنَ النَّارِ، اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا
إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا دَيْنًا إِلَّا قَضَيْتَهُ، وَلَا مَرِيضًا إِلَّا شَفَيْتَهُ،
وَلَا مَيِّتًا إِلَّا رَحِمْتَهُ، وَلَا حَاجَةً إِلَّا قَضَيْتَهَا وَيَسَّرْتَهَا
يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، فَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَبِالْإِجَابَةِ
جَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ احْفَظْ لِأمتنا
اسْتِقْرَارَهَا وَرَخَاءَهَا، وَبَارِكْ فِي ثَرَوَاتِهَا وَخَيْرَاتِهَا، وَزِدْهَا فَضْلًا
وَنِعَمًا، وَحَضَارَةً وَعِلْمًا، وَبَهْجَةً
وَجَمَالًا، وَمَحَبَّةً وَتَسَامُحًا، وَأَدِمْ عَلَيْهَا السَّعَادَةَ وَالْأَمَانَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ انْشُرِ الاِسْتِقْرَارَ وَالسَّلَامَ فِي بُلْدَانِ
الْمُسْلِمِينَ وَالْعَالَمِ أَجْمَعِينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً
وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ
أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا
وَاسِعًا شَامِلًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ
لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ.
اذْكُرُوا اللَّهَ
الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ.