عيد الفطر
الخطبة الأولى
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا
والحمد لله كثيرا، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أسبغ علينا وافر نعمه، وزادنا من عظيم فضله، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، فصل اللهم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله في سركم ونجواكم، واشكروه على ما آتاكم، قال تعالى:( فاتقوا الله لعلكم تشكرون).
أيها المسلمون: هذا يوم عيد سعيد، يوم تكبير وتهليل وتحميد، تهنأ فيه النفوس بالأجور المضاعفة، والحسنات المباركة، فنحمد الله تعالى فيه على ما يسره من إكمال طاعته، وإتمام عبادته، عملا بقوله عز وجل:( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون). فنشكره سبحانه أن أمرنا بالصيام فصمنا، ودعانا إلى القيام فقمنا، ثم خرجنا في هذا اليوم السعيد لصلاة العيد، طاعة لله تعالى قائلين :(ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار). واقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم تكبرون الله على ما هداكم، وتشكرونه على ما أنعم به عليكم.
وشكر الله تعالى هو إقرار بنعمه، واستخدامها في طاعته، والثناء عليه بما هو أهله، والتحدث بها، فالحديث عن النعم وشكرها من هدي الأنبياء عليهم السلام الذين بعثهم الله سبحانه ليذكروا الناس بما أعطاهم ربهم، وتفضل به عليهم، وقال تعالى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم :(وأما بنعمة ربك فحدث) أي: اذكر ما أنعم الله عليك بالشكر والثناء. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر نعم ربه عليه، ويحث على التحدث بها فيقول صلى الله عليه وسلم:« التحدث بنعمة الله شكر». ويقول صلى الله عليه وسلم :« أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا». وإننا في هذا العيد السعيد نتذكر نعم الله تعالى علينا، وإكرامه لنا، فقد رضي لنا الإسلام دينا، وجعلنا مسلمين، استجابة لدعاء الخليل إبراهيم عليه السلام حين قال:( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك). وأرسل إلينا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، قال سبحانه:( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة). وأنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم، قال سبحانه:( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا).
الله أكبر الله أكبر الله أكبر،
لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد
أيها الشاكرون لأنعم الله، الفرحون بجزيل عطاياه: إنكم اليوم تعملون بقوله سبحانه:( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم). فالحمد لله الذي حبانا بنعم لا يحصيها العاد، وخصنا بالفضل من بين العباد، ومن ذلك اجتماع الكلمة، والتلاحم والألفة، فتلك نعمة عظيمة، قال عز وجل:( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم).
ومن كرم الله علينا أننا نعيش في طمأنينة ورخاء، وسعادة وهناء، وتلك منة جليلة؛ دعا بها إبراهيم عليه السلام لأهله وقومه، فقال :(رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر). وذكر الله عز وجل امتنانه على قوم سبإ بنعمة الاستقرار، فقال سبحانه:( لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور). كما امتن الله تعالى على قريش برغد العيش في الأوطان فقال سبحانه:( الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).
الله أكبر الله أكبر الله أكبر،
لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد
أيها السعداء: إن شكر الله تعالى على نعمه عبادة واجبة، قال عز وجل:( واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون) فبالشكر تحفظ النعم، وتزداد العطايا والمنن، قال الله تعالى:( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم).
وإن من شكر النعمة وذكرها أن نغرس في نفوس أبنائنا تقديرها، ومعرفة حقها، والحفاظ عليها، فنربيهم على التفاني في خدمة وطنهم، والمحافظة على مكتسباته وخيراته، والتعاون فيما بينهم في تقديم الخير والمعروف لأهلهم ومجتمعهم؛ ليكون شكرهم قولا وعملا، كما أمر الله تعالى داود عليه السلام وأهله فقال:( اعملوا آل داوود شكرا). فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين، وله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.
اللهم اجعل عيدنا هذا عيدا سعيدا، وارزقنا شكر نعمك، ووفقنا لطاعتك، وطاعة رسولك صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم،
وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل، والتقرب إلى الله تعالى بحمده، والثناء عليه وشكره، فقد شرع لنا العيد موسما للخيرات والطاعات، والتزاور وتوطيد العلاقات، والتقرب إلى الله تعالى ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وزيارة الأهل والجيران، وهذا شكر عملي، واستجابة فعلية لما أمر الله تعالى به، وحثنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويظهر ذلك في العيد أكثر من غيره، فالأعياد من مقاييس تحضر الأمم، ومن وسائل التعرف عليها والتعريف بها، وهي مناسبة لنا لتأكيد قيمنا، من صدق حديث، وصفاء تعامل، ووفاء وعد، وحفظ ود، وحسن عهد، وتمام تواضع، ومحبة للخلق أجمعين؛ محبة تجعلنا نحفظ لهم حقوقهم، ونسعى في إسعادهم، رغبة في أن يحيوا بسلام، ويعيشوا في طمأنينة ووئام، كما قال عمار بن ياسر رضي الله عنه: ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، والإنفاق من الإقتار- أي التصدق مع قلة المال- وبذل السلام للعالم.
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال تعالى:( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا».
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين.
اللهم اجعل هذا العيد علينا سعادة وتلاحما، وطمأنينة وتراحما، وهناء وتبسما، ووفاء وسلاما، ومحبة ووئاما، وبهجة ورخاء، واجعلنا من البارين بآبائهم وأمهاتهم، المكرمين زوجاتهم وأخواتهم وبناتهم، اللهم أدخل السرور على قلوبهن وأسعدهن في الدنيا والآخرة.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ، وأدخل اللهم في عفوك وغفرانك ورحمتك آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن له حق علينا.
أعاد الله تعالى هذا العيد عليكم بالخير والبركات.
وكل عام وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.